هكذا انتشرت المسيحية - بحد السيف ج10


اقرأوا هذا بتأني



شاهدوا كيف تفنن النصارى في تعذيب المسلمين والمتنصرين

لأنهم شكوا في حقيقة تنصيرهم

ومحاكم التفتيش في الواقع نمط عجيب غريب من المحاكم، فقد مُنحت سلطات غير محدودة، ومارست أساليب في التعذيب لم يعرفها أو يمارسها أكثر الطغاة وحشية عبر التاريخ، وقد بدأت تلك المحاكم أعمالها بهدم الحمامات العربية، ومنع الاغتسال على الطريقة

العربية، ومنع ارتداء الملابس العربية أو التحدث باللغة العربية أو الاستماع إلى الغناء العربي، ومنع الزواج على الطريقة العربية أو الشريعة الإسلامية، ووضعت عقوبات صارمة جدًّا بحق كل من يثبت أنه يرفض شرب الخمر أو تناول لحم الخنزير، وكل مخالفة لهذه الممنوعات والأوامر تعد خروجًا على الكاثوليكية ويحال صاحبها إلى محاكم التفتيش.

كان المتهم الذي يمثل أمام المحكمة يخضع لاختبار أولي، وهو أن يشرب كؤوسًا من الخمر يحددها المحاكمون له، ثم يُعرض عليه لحم الخنزير ويطلب منه أن يأكله، وبذلك يتم التأكد من المتهم أنه غير متمسك بالدين الإسلامي وأوامره، ولكن هذا الامتحان لا يكون عادة إلا خطوة أولى يسيرة جدًّا إزاء ما ينتظر المتهم من رحلة طويلة جدًّا من التعذيب، إذ يعاد بعد تناوله الخمر وأكل لحم الخنزير إلى الزنزانة في سجن سري ودون أن يعرف التهمة الموجهة إليه..

وهو مكان من أسوأ الأمكنة، مظلم، ترتع فيه الأفاعي والجرذان والحشرات، وتنتشر فيه الأوبئة، وفي هذا المكان على المتهم أن يبقى أشهرًا طويلة دون أن يرى ضوء الشمس أو أي ضوء آخر، فإن مات، فهذا ما تعتبره محاكم التفتيش رحمة من الله وعقوبة مناسبة له، وإن عاش، فهو مازال معرضًا للمحاكمة، وما عليه إلا أن يقاوم الموت لمدة لا يعرف أحد متى تنتهي وقد يُستدعى خلالها للمحكمة لسؤاله وللتعذيب.

وعادة كان يسأل المحقق في المرة الأولى إن كان يعرف لماذا ألقي القبض عليه وألقي في السجن، وما التهم التي يمكن أن توجه إليه، ثم يطلب منه أن يعود إلى نفسه وأن يتأمل واقعه، وأن يعترف بجميع الخطايا التي يمليها عليه ضميره، ويسأله عن أسرته وأصدقائه ومعارفه وجميع الأماكن التي عاش فيها أو كان يتردد عليها، وخلال إجابة المتهم لا يُقاطع، يُترك ليتحدث كما يشاء ويسجل عليه الكاتب كل ما يقول، ويُطلب منه أن يؤدي بعض الصلوات المسيحية ليعرف المحققون إن كان بالفعل أصبح مسيحيًّا أو ما زال مسلمًا، ودرجة إيمانه بالمسيحية.

وبعد هذه المقابلات البطيئة الروتينية، يقرأ أخيرًا المدَّعي العام على المتهم قائمة الاتهامات الموجهة إليه، وهي اتهامات تم وضعها بناء على ما استنتجته هيئة المحكمة من استنطاق المتهم، ولا تستند إلى أدلة من نوع ما، ولا يهم دفاع المتهم عن نفسه، إذ إن قانون المحكمة الأساسي أن الاعتراف سيد الأدلة، وما على المتهم إلا أن يعترف بالتهم الموجهة إليه، ولا تهم الأساليب التي يؤخذ بها الاعتراف، فإن اعترف المتهم تهربًا من التعذيب الذي سينتظره، أضاف المدعي العام إليه تهمًا أخرى، وفي النهاية يرى المحقق أن المتهم يجب أن يخضع للتعذيب لأنه إنما يعترف تهربًا من قول الحقيقة، أي أن التعذيب لا بد منه، سواء اعترف المتهم أم لم يعترف[6].

ويشتمل التعذيب على كل ما يخطر على البال من أساليب وما لا يخطر منها، وتبدأ بمنع الطعام والشراب عن المتهم حتى يصبح نحيلاً غير قادر على الحركة، ثم تأتي عمليات الجلد ونزع الأظفار، والكي بالحديد المحمي ونزع الشعر، ومواجهة الحيوانات الضارية، والإخصاء، ووضع الملح على الجروح، والتعليق من الأصابع..

وخلال كل عمليات التعذيب يسجل الكاتب كل ما يقوله المتهم من صراخ وكلمات وبكاء، ولا يستثنى من هذا التعذيب شيخ أو امرأة أو طفل،

وبعد كل حفلة تعذيب، يترك المتهم يومًا واحدًا ثم يُعرض عليه ما قاله في أثناء التعذيب من تفسيرات القضاة، فإذا كان قد بكى وصرخ: يا الله، يفسر القاضي أن الله التي لفظها يقصد بها رب المسلمين، وعلى المتهم أن ينفي هذا الاتهام أو يؤكده، وفي كلا الحالتين يجب أن يتعرض لتعذيب من جديد، وهكذا يستمر في سلسلة لا تنتهي من التعذيب.

أخيراً، وقبل أربع وعشرين ساعة من تنفيذ الحكم يتم إخطار المتهم بالحكم الصادر بحقه، وكانت الأحكام تتمثل في ثلاثة أنواع:

البراءة: وهو حكم نادرًا ما حكمت به محاكم التفتيش، وعندها يخرج المتهم بريئًا، لكنه يعيش بقية حياته معاقاً مهدوداً بسبب التعذيب الذي تعرض له، وعندما يخرج يجد أن أمواله قد صودرت، ويعيش منبوذاً لأن الآخرين يخافون التعامل أو التحدث إليه خوفاً من أن يكون مراقباً من محاكم التفتيش، فتلصق بهم نفس التهم التي ألصقت به عينها.

الجلد: وقد كان المتهم يساق إلى مكان عام عارياً تماماً وينفذ به الجلد، وغالباً ما كان يموت تحت وطأة الجلد، فإن نفذ وكُتبت له الحياة يعيش كوضع المحكوم بالبراءة من حيث الإعاقة ونبذ المجتمع له.

الإعدام: وهو الحكم الأكثر صدوراً عن محاكم التفتيش، ويتم الإعدام حرقًا وسط ساحة المدينة.

وفي بعض المراحل صارت المحاكم تصدر أحكامًا بالسجن، وبسبب ازدحام السجون صارت تطلق سراح بعضهم وتعدم آخرين من دون أي محاكمات، وفي بعض الحالات تصدر أحكاماً بارتداء المتهم لباسًا معينًا طوال حياته، مع إلزام الناس بسبه كلما سار في الشارع أو خرج من بيته، وفي هذه الأحكام كما قلنا لا يُستثنى أحد بسبب العمر، فهناك وثائق تشير إلى جلد طفلة عمرها أحد عشر عاماً مائتي جلدة، وجلد شيخ في التسعين من عمره ثلاثمائة جلدة، وحتى الموتى كانوا يخضعون للمحاكمة فيتم نبش قبورهم[7].





استمرار الاضطهاد والأعدام ضد المسلمين :

كل هذه المحاكم والأساليب لم تنجح في إجبار المسلمين على ترك دينهم كما تريد الكنيسة التي أدركت مدى عمق الإيمان بالعقيدة الإسلامية في نفوس الموريسكيين، فقررت إخراجهم من إسبانيا، فأصدر مجلس الدولة بالإجماع في 30/1/1608م قراراً بطرد جميع الموريسكيين من إسبانيا، ولم يحل شهر أكتوبر العام 1609م حتى عمَّت موانئ المملكة وبلنسية من لقنت جنوباً إلى بني عروس شمالاً حركة كبيرة، فرحل بين 9/1606م إلى 1/1610م نحو 120.000 مسلم من موانئ لقنت، ودانية، والجابية، ورصافة، وبلنسية، وبني عروس، وغيرها.

وفي 5/1611م صدر قرار إجرامي للقضاء على المتخلفين من المسلمين في بلنسية، يقضي بإعطاء جائزة ستين ليرة لكل من يأتي بمسلم حي، وله الحق في استعباده، وثلاثين ليرة لمن يأتي برأس مسلم قتل، وقد بلغ عدد من طُرِد من إسبانيا في الحقبة بين سنتي 1609م - 1614م نحو 327.000 شخص، مات منهم 65.000 غرقوا بالبحر، أو قتلوا في الطرقات، أو ضحية المرض، والجوع، والفاقة..

وقد استطاع 32.000 شخص من المطرودين العودة إلى ديارهم في الأندلس، بينما بقي بعضهم متستراً في بلاده بعد الطرد العام لهم، وقد استمر الوجود الإسلامي بشكل سري ومحدود في الأندلس في القرنين السابع عشر والثامن عشر.

وهكذا حكمت محاكم التفتيش في غرناطة سنة 1726م على ما لا يقل عن 1800 شخص (360) عائلة بتهمة اتباع الدين الإسلامي، ونقل كاتب إسباني أخبار محاكمة وقعت في غرناطة سنة 1727م، وفي 9/5/1728م، احتفلت غرناطة بـ (أوتودافي) ضخم، حيث حكمت محاكم التفتيش على 64 غرناطيًّا بتهمة الانتماء للإسلام، وفي 10/10/1728م، حكمت محكمة غرناطة مرة أخرى على ثمانية وعشرين شخصاً بتهمة الانتماء إلى الإسلام، وتابعت محاكم غرناطة القبض على المتهمين بالإسلام إلى أن طلبت بلدية المدينة من الملك سنة 1729م طرد كل الموريسكيين حتى تبقى المملكة نقية من الدم الفاسد.

وفي سنة 1769م تلقى ديوان التفتيش معلومات عن وجود مسجد سري في مدينة قرطاجنة مقاطعة مرسية، فتم إلقاء القبض على أكثر من مائة مورسكي حوكموا وأعدم معظمهم علناً[8].





الشائعات والإرهاب للمسلمين رجال وأطفال ونساء بل والمسيحيون أيضاً!

إننا مهما أسهبنا في استعراض محاكم التفتيش فإننا لن نلم إلا بجزء يسير جدًّا من صفحاتها السوداء الوحشية، ولن نستطيع استعراض إلا جزء يسير جدًّا من جرائمها التي طالت مسلمي إسبانيا، وقد بلغ الرعب الذي سببته تلك المحاكم حدًّا لا يوصف بين سكان إسبانيا..

فقد كان جر أي إنسان إلى محاكم التفتيش عملية سهلة، وقد يقوم الاتهام لمجرد إشاعة، أو يذهب الإنسان بنفسه ليعترف رعباً، أو دليلاً على حسن نيته، بلفظ تفوه به عرضاً ودون أن يعني له شيئاً ويخشى أن يكون قد سمعه أحد، وفتح الباب على مصراعيه أمام الضغائن الشخصية، الذي يطمع بزوجة جاره، والمالك الذي يريد أن يهرب من أجر عامله، والتاجر الذي يخشى من منافسة زميل له، حتى الأطفال في أثناء لعبهم مع بعضهم بعضاً كانوا معرضين للاتهام، كأن يذهب طفل ويشي بطفل آخر متهماً إيّاه أنه قال كذا وكذا في أثناء اللعب، فيلقى القبض على الطفل المتهم ويحاكم، وغالباً يموت لأنه لا يتحمل أهوال التحقيق والتعذيب والسجن..

وهكذا صار الطريق واسعاً وعريضاً لكل من يريد أن يتخلص من أي إنسان، وأي تهمة صالحة لأن تدفع بمسلم سابق إلى أعماق السجون سواء كان هذا المسلم السابق رجلاً أو طفلاً أو شيخاً مسنًّا.

ومن الإنصاف أن نذكر أن ضحايا التفتيش لم يكونوا فقط من المسلمين السابقين، بل كانوا من المسيحيين أيضاً، فقد انتهجت الكنيسة السلوك الإرهابي عينه تجاه المسيحيين عن طريق محاكم التفتيش التي أوكلت إليها مهمة فرض آرائها على الناس باسم الدين والبطش بجميع من يتجرأ على المعارضة والانتقاد..

فنصبت المزيد من المشانق وأعدمت الكثيرين من المسيحيين عن طريق حرقهم بالنار، حيث يقدر عدد الضحايا المسيحيين ممن جرت عملية إعدامهم من قبل محاكم التفتيش (300.000)، أُحرق منهم (32.000) أحياء، وقد كان من بينهم العالم الطبيعي المعروف برونو الذي نقمت عليه الكنيسة نتيجة آرائه المتشددة التي منها قوله بتعدد العوالم وكذلك الأمر فيما يتعلق بالعالم الطبيعي الشهير جاليليو الذي نفذ به القتل, لأنه كان يعتقد بدوران الأرض حول الشمس[9].





ليتذكر الصليبيون والصهاينة :-


بعد الذي عرضناه عن محاكم التفتيش السؤال التالي: لماذا نعود إلى محاكم التفتيش ونستعرضها هكذا؟ هل لنتباكى على مآس مضت أم لنستذكر أحزاناً انقضت.

الإجابة نستشفها مما فعله ويفعله الصهاينة بسبب ما زعموه من محارق الهولوكوست وما ادَّعوه من حرق النازية لآلاف اليهود في المحارق، فما زالت الصهيونية تضع الغرب بشكل خاص والعالم بشكل عام أمام تلك المحارق التي كانت أحد تبريراتها لاحتلال فلسطين، بينما ما زال العالم يجهل الكثير عن محاكم التفتيش التي ذهب ضحيتها آلاف وآلاف المسلمين..

وإذا كانت محارق النازية قد استمرت أعواماً، فقتل وإحراق وتعذيب المسلمين عبر محاكم التفتيش استمر مئات من الأعوام، وفي الوقت الذي تفتح فيه دول الغرب النصراني أرشيفها، ووثائقها للصهيونية لتؤلف منه ما تدَّعي أنه وثائق عن محارق اليهود في عهد النازية، مازال الفاتيكان والكنائس ترفض فتح أرشيفها وكشفه أمام المسلمين وغير المسلمين كي لا تظهر وثائق جديدة عن فظائع محاكم التفتيش!!

إن المسلمين بحاجة الآن لدراسة متمعنة لتاريخ محاكم التفتيش وفظائعها وضحاياها من المسلمين، وأن تُعتمد وثائق أرشيف الفاتيكان والكنائس الكاثوليكية في إسبانيا وغيرها من الدول النصرانية لوضع تاريخ حقيقي لتلك المحاكم وإبراز هذا التاريخ للعالم مع مقارنة موضوعية بين التعسف الكنسي والجرائم التي ارتكبت ضد المسلمين باسم المسيحية، وبين التسامح الإسلامي وكيف عاش المسيحيون بأمان وسلام في الدولة الإسلامية بحماية الإسلام الحنيف، مع ملاحظة أن معظم ما كُتب عن محاكم التفتيش حتى الآن يعتمد على رؤية نصرانية من قِبَلِ مستشرقين ومؤرخين غير مسلمين، وبما تسمح به السلطات النصرانية.

المصدر: موقع محاكم التفتيش، نقلاًَ عن مجلة الوعي الإسلامي.

- المزيد من مقالات تاريخية
- المزيد من مقالات تاريخ الأندلس
- محاكم التفتيش بقلم د. راغب السرجاني
- محاكم التفتيش .. شهادة الكولونيل الفرنسي ليموتسكي بقلم د. راغب السرجاني
[1] وول سميث ـ تاريخ أوروبا في العصور الوسطى ـ دار الحقائق ـ بيروت ـ 1980م.

[2] جريدة الجماهير: 2/2/2001م ـ حلب.

[3] الدكتور طاهر أحمد مكي ـ مسلم إسباني أمام محاكم التفتيش ـ مجلة الدوحة ـ قطر ـ 1981م.

[4] وائل علي حسين ـ محاكم التفتيش والمسئولية الغربية ـ مجلة الراية ـ العدد 186 ـ بيروت ـ 1982م.

[5] نفس المصدر.

[6] عبد الرحمن حمادي ـ نحو منهج جديد لإعادة كتابة التاريخ العربي ـ ندوة إعادة كتابة التاريخ العربي ـ الرباط ـ 1991م ـ مجلة الوحدة ـ عدد خاص عن الندوة ـ الرباط ـ 1991م.

[7] طاهر أحمد مكي ـ مصدر سبق ذكره.

[8] وائل علي حسين ـ مصدر سبق ذكره.

[9] وول سميث ـ ويلاحظ أن تركيز المؤرخين النصارى على عدد المسيحيين الذين كانوا ضحية لمحاكم التفتيش يأتي من باب تقليل أعداد الضحايا من المسلمين والإيحاء بأن المسيحيين كانوا هم الضحايا الأكثر.




و أخيرا فإن ما ذكرناه ليس إلا نقطة فى بحر تاريخ الدين المسيحى
و الحمد لله رب العالمين على نعمة اﻻسﻻم
هكذا انتشرت المسيحية - بحد السيف ج10 هكذا انتشرت المسيحية - بحد السيف ج10 Reviewed by Aboo Omar on 11:25 ص Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.